البحث والابتكار في خدمة المنظومات الواحية: رؤية المعهد الوطني للبحث الزراعي لمستقبل التمور بالمغرب

 يشكل البحث والابتكار ركيزة أساسية في جهود المعهد الوطني للبحث الزراعي لضمان استدامة المنظومات الواحية وتطوير سلاسل إنتاج التمور بالمغرب.

وفي هذا الحوار الذي خصت به وكالة المغرب العربي للأنباء، تجيب مديرة المعهد الوطني للبحث الزراعي، السيدة  لمياء الغوتي، عن ثلاثة أسئلة تتعلق بأبرز الحلول العلمية لتدبير المياه داخل الواحات، وسبل مواكبة الفلاحين والتعاونيات في تثمين التمور، وكذا مجالات البحث ذات الأولوية في مواجهة التغيرات المناخية.

1. ما هي أبرز الحلول العلمية التي طورها المعهد لمواجهة تحديات تدبير المياه داخل الواحات؟

يعتمد المعهد الوطني للبحث الزراعي، في إطار برامجه البحثية مقاربة شمولية لتدبير المياه ترتكز على مثلث الماء والنبتة والتربة؛ وهي المقاربة تقوم على مداخل مباشرة وأخرى غير مباشرة.

فعلى المستوى المباشر، يركز المعهد على معرفة الاحتياجات الحقيقية لكل نبتة أو زراعة. وبالنسبة للنخيل، يتم تحديد الاحتياجات المائية بدقة سواء للنخيل الصغير أو البالغ. كما يجري اعتماد تقنيات ري موفرة للمياه مثل الري بالتنقيط أو الري بالنقص، بهدف تثمين كل قطرة ماء مع الحفاظ على مستوى الإنتاج.

وتعتمد كذلك تقنيات تغطية النخيل التي تحد من تبخر المياه وتقلل من نمو الأعشاب الضارة المستهلكة بدورها للماء، مما يضمن نجاعة أكبر في الاستعمال ويحافظ على الإنتاجية.

أما على المستوى التقني، فيتم إدماج الرقمنة والذكاء الاصطناعي للمساعدة في اتخاذ القرارات الصائبة في تدبير الموارد الطبيعية. فمن خلال أجهزة استشعار يتم التعرف على مكونات التربة ورطوبتها، بما يمكن من تحديد كميات المياه بدقة دون إفراط أو تبذير.

كما يتم إيلاء اهتمام خاص للجانب الوراثي للنبتة، إذ إن النخيل المقاوم للجفاف جينيا يحتاج إلى كميات أقل من المياه دون أن يؤثر ذلك على الإنتاج أو جودة التمور.

2. كيف يواكب المعهد الفلاحين والتعاونيات في تحسين جودة التمور وتثمينها في الصناعة الغذائية؟

في سلسلات البحث والابتكار الخاصة بالتمور، يأتي الجانب المتربط بالتثمين في آخر السلسلة، حيث يشتغل المعهد الوطني للبحث الزراعي على بحوث تغطي مختلف مراحل ما بعد الجني.

فالمحور الأول يتعلق بكيفية تخزين التمور، باعتبار أن الجودة تختلف حسب الصنف، ولكل صنف شروط تخزين خاصة مرتبطة بالعوامل الفيزيائية والكيميائية ومستوى الرطوبة.

كما يولي المعهد أهمية كبيرة للمواد المستعملة في تغليف التمور لما لها من دور في الحفاظ على الخصائص الكيميائية والفيزيائية للمنتوج على أساس أن تكون إيكولوجية.

وفي إطار التثمين الصناعي للتمور، يشتغل المعهد كذلك على تطوير استعمالات جديدة للتمر من خلال شراب التمر أو عجينة التمر، فضلا عن دراسة إمكانيات تحويل التمر إلى مسحوق كآلية بديلة للتثمين.

كما يجري المعهد أبحاثا شاملة على مختلف الوسائل الممكنة لتثمين التمر، مع مراعاة الخصوصية النوعية لكل صنف. فلكل صنف استعمال خاص به؛ هناك أصناف تستهلك مباشرة لتميزها بالجودة العالية، وأخرى قد تكون أقل جودة للاستهلاك المباشر، لكنها تكتسي قيمة كبيرة جدا في إطار التثمين والصناعات الغذائية.

3. ما هي مجالات البحث ذات الأولوية لضمان استدامة المنظومات الواحية أمام التغيرات المناخية؟

يواصل المعهد الوطني للبحث الزراعي انخراطه في أوراش البحث والابتكار المرتبطة بالتغيرات المناخية. ويشكل تطوير وسائل التنبؤ بالتصحر إحدى الأولويات الراهنة ضمن برامج البحث، بالنظر إلى ما تمثله الظاهرة من تحد رئيسي لمستقبل الواحات.

كما يحظى الحفاظ على الموارد الوراثية للنخيل بأهمية إستراتيجية، إذ يضم التراث المغربي عددا كبيرا من الأصناف، في حين أن خمسة أصناف فقط مسجلة رسميا حاليا. ومن هنا تأتي أهمية العمل على توثيق وتصنيف جميع الأصناف على الصعيد الوطني، مع السعي إلى إنشاء منصة وطنية ديناميكية للموارد الجينية، من المرتقب إحداثها في الرشيدية وزاكورة.

ويمثل هذا التنوع البيولوجي رصيدا أساسيا لاستنباط أصناف أكثر مقاومة للعوائق المناخية في المستقبل.

إلى جانب ذلك، يولي المعهد أهمية للجانب الاقتصادي والاجتماعي في أبحاثه، من خلال دراسات تروم فهم دينامية سلاسل الإنتاج بشكل متكامل، بما يعزز التنمية المستدامة بالواحات.

وفي أفق التحديث والعصرنة، يعمل المعهد على دعم التحول الرقمي للواحات عبر إدماج التقنيات الذكية والاستشعار عن بعد، بما يسمح بترشيد الموارد وتحسين الإنتاجية مع الحفاظ على الطابع التراثي والموروث البيئي لهذه المنظومات الفريدة.

#مكناس : متابعة

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.