عاد من غزة مثقلاً بصمت الجراح… الدكتور يوسف بوعبدالله: ضمير إنساني في زمن الصمت

سافر دون أن يلوّح للكلمات، مضى خفيف الظلّ، ثقيل الرسالة. حمل حقيبته البيضاء، وودّع دفء الأهل والرفاق، ليمضي حيث الألم لا يُروى بالكلمات، بل يُعاين في عيون الأطفال، وفي صرخات الثكالى تحت ركام البيوت. عاد الدكتور يوسف بوعبدالله من غزة، بعد أداء مهمة إنسانية نبيلة، ولكنّه عاد محمّلًا بما لا تراه الكاميرات: بقايا أرواح، وحكايات أوجاع، وملامح وجوه خذلها العالم.

في غزة، لم يكن الطبيب مجرّد معالج للآلام الجسدية، بل كان بلسمًا لجراح لا تندمل، شهيدًا حيًّا في ميدان الإنسانية، يرسم بابتسامته نورًا وسط عتمة الحرب والحصار. تحدّى رائحة الموت، وواجه نقص المعدات، وظروفًا طبية أقرب إلى المعجزات، لكنه لم يتراجع، لأن ضميره كان أقوى من الصمت الدولي، ولأن قسمه الطبي لم يعترف بحدود ولا جنسيات.

عاد… لكن عينيه ما زالتا عالقتين هناك. هناك حيث ترك قلبه مع طفل ينزف بصمت، ومع أمّ ترجو الحياة لطفلها في حضن المستحيل. عاد بصمت الأبطال، لا يبحث عن تصفيق ولا مجد، بل عن ضمير جماعي يستفيق.

الدكتور يوسف بوعبدالله، لم يكن مجرد طبيب أدى واجبه، بل كان صوتًا من أصوات العدالة، جسدًا في خدمة المبدأ، وعلَمًا خفّاقًا للكرامة الإنسانية.

فليكتب التاريخ، أن في زمنٍ خذلت فيه السياسات، وقف الأطباء في وجه الموت، ومن بينهم يوسف… الذي عاد من غزة، لكنه لم يعد كما كان.

قد يعجبك ايضا
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.